بِسمِ اللهِ الرّحمنِ الرّحِيم
بهِ الإعَانةُ بدءَاً وختماً وصلّى اللهُ على سيِّدنا محمدٍ ذاتاً ووصفاً واسما
اللوح الأول : الحمد لله :-
الحمدُ لله الذى أطلع فى غيبوبة هويته شمس الذات الأحمدية * وأفردها بانسان عين تجليات كنهه المطلقة وسبحات وجهه المحرقة المعبر عنها بكان * وأعلن بها ما كان مستترا من بواطنه الذاتية * وسدل عليها رداء كبريائه وعظمته وعزته التى تتلاشا وتضمحل عندها جميع الأكوان * وفجر عنها بحر أسرار صفاته ونعوته الجامعة النفسية * وبر أنوار حضرات أسمائه وأوصافه الحسان * ولما استكمل تعالى بطونه ولبست ثوب كهيال شئونه الأزلية * أنزلها منزلة لا يحيط بها العلم ولا يقدرها الوهم ولا يحصرها الكيف والكم ولا يصورها الجنان * وأقامها هناك حاكمة فى جميع الممالك وأدار عليها تلك الأسماء الإلهية * فظهرت لكل اسم إلهي حضرة جامعة لها أنوار ساطعة البرهان * فى كل حضرة دواوين وكل ديوان مشتمل على جميع أنواع تجليات الأسماء والصفات الكمالية * منفرد بالتجلى الذاتى الغيبى المطلق الساذج المنزه عن التعدد والزيادة والنقصان * وهذه الحضرات ودواوينها وأحكامها ليس لها جهة علوية ولا سفلية * ولا تحيط بها عين ولا يحويها مكان ولا يمر بها زمان * وانما هى فى غامض علم الله أنبأنا بها أولياؤه هكذا ولا ندرى هل هى حسية أو معنويه * وتلقيناها عنهم مؤمنين بوجودها طالبين ببركتهم السمؤ لأعلي مراتب وجودها مفوضين علم حقائقها للعليم الرحمان * وعند انتهاء حكم اسمه تعالى الباطن وتجلى الظاهر برزت الحقيقة المحمدية * كما حكاها بشرح الجامع الصغير سيدى محمد الزرقائى بصريح البيان * وهى أول مبادى ظهوره كما قال صلى الله عليه وسلم نور نبيك من نوره ونوره عن الجزئية والكلية * وهذا حديث شريف نصدق بمدلوله اجمالا ونجر لحقيقة تفصيله زيول الايمان * وقد رأيت فى كتاب البسملة لسيدى عبد الكريم الجيلى أنه رأي النبى صلى الله عليه وسلم متصفا بصفات المعانى السبعه الجلية * وفسر بها آية ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم وجلت صفات الله أن يتصف بها شى من محدثات الأكوان * ولذلك ذكر فى هذا الكتاب أن أسرار جميع الكتب فى القرآن وأسرار القرآن فى النقطة تحت الباء مع أن كل سورة مبدوءة بالباء مخصوصة بهذه المزية * ومن كلامه دليل على ما قد مناه على الأستاذ من أنه ديوان كل حضرة جامع لدواوين الحضرات منفرد بسر المخصوص وهكذا كل غوث أو فرد ان قيل أنه جامع لأسرار من سواه صح ذلك من غير زور ولا بهتان * أحمده سبحانه وتعالى على جميع نعمه الصادرة من أزل الآزال الى أبد الأبدية * بل كما تستحقه ذاته وأسماؤه وصفاته ولا أحصي ثناءا عليه فهو كما أثني على نفسه فى محكم القرآن * وأشكره بلسان كل جوهر فرد بل بكلامه الذاتى شكرا أنال به أحكام تجليات ظهوره وتنزهات بطونه الأولية والأخروية * واستغفره من السهو والغفلة وجميع الذنوب والمعاصى التى وقعت منى بل من كل جوهر وفرد من أجناس العوالم وأسأله لى ولجميع المخلوقات التوبة والغفران * وأشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له المتفرد بالقدم والمخالفة والأولوية * شهادة أودعها عنده وهى ما شهد به على نفسه وشهدت به ملائكته وأولو العلم كما فى آل عمران * وأشهد أن سيدنا محمد فاتح الوجود ومنبع أسرار أنوار الكرم والجود وسراج الظلمة العدمية * عبد الله ورسوله وخاتم الأنبياء وسيد جميع العالمين الجالس على منصة القرب فى حضرة الرحمان * صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه صلاة تسترق الأنواع العددية * وسلم تسليما كثيرا ينمو ويتضاعف على مر السنين والأزمان .
نَفِّسِ اللّهمُ روحَ القُدْسِ والحَقيقةِ الأحْمَدِية
بِروحِ سَيّدِى مُحَمّدِ الحَسَنِ وَسَيّدِى مُحَمّد عُثْمَان
اللوح الثاني : أما بعد :-
أما بعد فيقول رق الوجه الأحمدي العالى أبو بكر ابن محمد أبي المعالى راجى تمام العناية الأزلية * لما وجه الله القلب والقالب لسلوك طريق الله جمعنا محض كرم الله بالانسان الكامل المحقق بالله ورسوله سراً وإعلان * وحمدُ نعمةِ اتصالنا به لا أُحصيه بل أطلبه من الله بالله لله ظهوراً وبطوناً فى الأولية والأخروية * لأنّهُ صرّح بقوله لا يسوق الله إلينا إلا مَن كان مِن أهل العناية القديمة مع قوله من تحركت أقدامه وأم زيارتنا خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه فلا ريب أن من اتصل به دخل حرم الأمان * وسمعنا منه علوم حقائق ما رأيناها فى كتب القوم التى طالعناها ورأينا منه خرق عوائد وشدة استقامة دلتنا على صدق ما أخبرنا به من العلوم الغيبية * ولتعلق القلب بعلومه الخاصة به لما غبنا عن حضرته سنين فاشتقنا الى التفكر فى أسباب الوصول اليه واقتضى الحال جمع نزر من أحوال بشائره وتبيين مولده ونسبه ووصفه وأخلاقه الحسان * فان رمت يا أخي أن تكون من خواص أحبابه فارتع فى رياض مولد يطرب القاصدين ويرد قلوب الشاردين الى مناهل عذبة روية * واسمع بعض خصاله وأما حقائق كماله فلا يعلمها الا من خصه بتربية الخضر فى بداية حاله وأدار بها كأس المدد على أكمل سطح أهل العرفان * ولا أرسم الا ما سمعته منه أو ممن لازمه وصحبه وصدق فى مودته ومعاملته من أهل العقول الزكية * وحذفت أسماءهم خوفا من التطويل راجيا من الله أن يحفظنا من الزلل والزيادة والنقصان * فأقول وما توفيقى الا بالله عليه توكلت واليه أنيب انابة تفويض واخلاص نية * قد صرح بولاية الأستاذ قبل الحمل به الشيخ مصطفى الدرويش المقيم بأرض باره قال لوالدته وهى صغيرة جدا تعالى يا أم الكبيرانك ستلدين ابن يكون له شان * وأخبرني بعض الألولياء أن سبب قدوم والده الختم هو لأداء الأمانة الى ابنه وأشار الى تفسير الأمانة بالتحقق الذاتى لاطلاق الذى ما حصل قبل ذلك لأحد من أهل الفردية والغوثية * وظهر شاهد قوله بما حصل لوالده من الأحوال التى تذيب جسمه بحضور الخليفة سأله حتى يصير ماء ثم يعود شخصا سويا كما كان * وسبب ذلك أن ما يطيقه جسد الأستاذ لا تطيقه أجساد كمل العارفين بل تذوب وتضمحل أو تتلاشا عند نزوله عليها بالكلية * كما أن السر العيسوى لما لم تطقه أمه تكون انسانا كاملا كذلك الوجه الأحمدي المحجب بالكبرياء المحرق للذوات والأرواح لا يطيقه الا من فنى عن بشريته ومولده ونسبه وبقى بالذات المحمدية حسا وعيان * فافهموا أسرار عباد الله ولا تبادرو بالانكار بمبادى الرأي قبل فهم الكيفية * وانتمو لأهل الله لتفهمو منهم باطن أسرارهم وتقرفوا من بحار أنوارهم التى من قرف منها حيا حياة لا موت بعدها وأحفت به حقايق الايقان *
نَفِّسِ اللّهمُ روحَ القُدْسِ والحَقيقةِ الأحْمَدِية
بِروحِ سَيّدِى مُحَمّدِ الحَسَنِ وَسَيّدِى مُحَمّد عُثْمَان
.......>>>>>>>>>>>>>>>>>>