بتوفيق من الله تعالى وعرفاناً منا لصاحب هذه المناقب الذى تشرع وتسلك وتحقق بحق فبث علمه و حِكمه ولا يزال بعد رحيله عن هذه الدار حى فى قلوبنا. كان علمه غذاء للقلوب وكلامه مما يوقر فى القلب وقد تصدرنا بنشر مناقب الشيخ محمد محمد أحمد لقربه من قلوبنا والله الموفق.
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على خير البرية المبعوث رحمة للعالمين القائل ؛ ( الصلاة عليَّ أمحقُ للذنوبِ من الماءِ الباردِ للنارِ ، والسلامُ عليَّ أفضلُ من عِتقِ الرقابِ ) وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين وعلى أصحابه الغر الميامين وعلى جميع إخوانه من الأنبياء والمرسلين .
أما بعد فهذه قطفات من سيرة مرشدنا وقدوتنا إلى طريق الحق البحر الذاخر قدوة المحققين وإمام العارفين وترجمان أهل الله مولانا محمد بن محمد أحمد بن محمد الشيخ الذي يتصل نسبه بسيدنا الفضل بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنهم أجمعين.
والدته هي الحاجة زينب بنت الشفيع احمد عمار، والدة أبيه هي زينب بنت أحمد ود جابر ، ووالدة جده لأبيه هي الصافية بنت مالك وثلاثتهن من الأشراف الجابراب من ذرية الشيخ إبراهيم البولاد .
أما جدته لأمه فهي خادم الله بنت عبد الله ودعووضة من ذرية الشيخ عووضة شكَّال القارح المشهور ، وخادم الله أمها التومة بنت قمرالدين من ذرية الشيخ علي ود بري توريق الحديد .
عُرف مولانا بود الريف العالم، وكان شيخ محمد أحمد العالم عند السيد علي الميرغني ، ولقب بالرحبي والأدهمي عند الفقهاء وكان شيخه علي أدهم يناديه بمحمد أحمد وهو ما اشتهر به .
مولده :
وُلِدَ مولانا رضي الله عنه في عام 1927 للميلاد بقرية البواليد جابراب التي تُنسب للشيخ إبراهيم البولاد أكبر أولاد جابر الأربعة الوارد ذكرهم في طبقات ود ضيف الله ، وهي تقع على الضفة الغربية للنيل جنوب محافظة المتمة من ولاية نـهر النيل .
تعليمه :
حفظ مولانا رضي الله عنه القرآن بخلوة الجابراب بالبواليد على الفكي مُحمد ود عمر . كان رضي الله عنه يغشاه النعاس خلال حفظ لوحه ومع ذلك يُسَمِع لوحه دون تردد ، وقد ذكر بعض زملائه ذلك لشيخه ود عمر، فقال لهم (دعوه السعيد
يحضر زمانه) .
تلقى رضي الله عنه بعض العلوم الشرعية على والده وعلى الشيخ ود الماحي العالم وعلى غيره من العلماء الذين كانوا يأتون للتدريس بمسيد وخلوة الجابراب بالبواليد .
تلقَّى رضي الله عنه علوم اللغة العربية والفقه والتوحيد على مذهب الإمام مالك على يد الشيخ إسماعيل محمد منقة رضي الله عنه عندما كان بمنطقة شركيلة من إقليم كردفان . والشيخ إسماعيل محمد منقة رضي الله عنه من أحفاد السيد محمد عثمان بن فوده المشهور بغرب إفريقيا .
انتسب مولانا لجامع أمدرمان الكبير حيث تلقَّى مختلف العلوم الشرعية على المذهب المالكي والمذهب الشافعي وبقية المذاهب الأربعة على يد العلماء بالجامع .
انتسب مولانا لدرس الشيخ علي أدهم بجامع أمدرمان ، والذي كان عبارة عن محاضرات عامة دون التقيُّد بتدريس كتاب محدد ، ثم تحوَّل لتدريس كتب محددة على مذهب الإمام مالك بناء على طلب مولانا . وقد استمر الدرس لعدة سنوات حتى انتقال الشيخ علي أدهم للرفيق الأعلى . والشيخ علي أدهم هو تلميذ الشيخ محمد البدوي شيخ الإسلام في السودان .
تلقى مولانا فقه وحسابات المواريث على الشيخ الأمين الترابي بجامع أمدرمان الكبير . ودرس الفلك على الشيخ العيدروس .
التدريس :
ابتدأ مولانا تدريس الطلبة بجامع امدرمان الكبير بحياة شيخه علي أدهم ، وذلك من بعد صلاة المغرب ، واستمر هذا الدرس حتى أواخر ثمانينات القرن العشرين ، وتصدر للفُتيا بحياة شيخه علي أدهم ، وقد درس رضي الله عنه فقه العبادات وفقه المعاملات وفقه المواريث والتوحيد وكان يقوم بالفُتيا وكان درسه يشتمل على المدح النبوي وكان يحيي المواسم الدينية كالمولد النبوي الشريف .
درس مولانا في أماكن أخرى نذكر منها :
أ/ سوق السعافة بسوق بحري .
ب/ مصلحة المخازن والمهمات ببحري في وقت الإفطار .
ج/ جامع بحري الكبير يومي السبت والاثنين في وقت الإفطار .
د/ مصلى الإدارة المركزية للكهرباء والمياه ببحري بين صلاتي العصر والمغرب .
اهتم مولانا في دروسه بتثبيت وتقوية عقيدة التوحيد لدى طلبته ومحبيه، وقد مزج
في دروسه الفقه بالتوحيد بالتصوف فيما عرف بالدروس الشاملة المتكاملة ، والتي من أشهرها :
درَّس أمام مقام الشيخ إبراهيم الكباشي في الواحدة من بعد منتصف الليل .
درَّس أمام مقام السيد المحجوب الميرغني شرح منجية العبيد للإمام الختم .
درَّس بجامع مولانا السيد علي الميرغني (الشهير بدرس الثلاثاء) والذي بدأ بين المغرب والعشاء ثم تحول ليبدأ بعد صلاة العشاء ممتداً لوقت متأخر من الليل لما قبل الفجر . وبعد نهاية درس الثلاثاء يذهب لجامع أمدرمان الكبير حيث يكون في انتظاره طلبة أمدرمان لختم درسهم .