هذه القصيدة لشيخ الشيوخ أبي مدين الغوث
و التخميس لسيدي محي الدين بن عربي قدس الله سره
و أفاض علينا من بركاتهم آمين
يا طالباً من لذاذات الدنا وطراً إذا أردت جميع الخير فيك يرى
المستشار أمين فاسمع الخبرا
ما لذة العيش إلا صحبة الفقرا هم السلاطين و السادات و الأمرا
قوم رضوا بيسير من ملابسهم و القوت لا تخطر الدنيا بهاجسهم
صدورهم خاليات من وساوسهم
فاصحبهموا و تأدب في مجالسهم و خلِّ حظك مهما قدموك ورا
اسلك طريقهموا إن كنت تابعهم و اترك دواعيك و احذر أن تراجعهم
فيما يريدونه و اقصد منافعهم
و استغنم الوقت و احضر دائماً معهم و اعلم بان الرضا يختص من حضرا
كن راضياً بهمو تسمو بهم و تصل إن أثبتوك أقم أو محوك فزل
وإن أجاعوك جع أو أطعموك فكل
و لازم الصمت إلا إن سئلت فقل لا علم عندي و كن بالجهل مستترا
و لا تكن لعيوب الناس منتقداً و إن يكن ظاهراً بين الوجود بدا
و انظر بعين كمال لا تعب أحداً
و لا تر العيب إلا فيك معتقداً عيباً بدا بيِّناً لكنه استترا
تنل بذلك ما ترجوه من أرب و النفس ذلل لهم ذلاً بلا ريب
بل كان ذلك ذل ناب عن أدب
و حطَّ رأسك و استغفر بلا سبب و قم على قدم الإنصاف معتذرا
إن شئت منهم بريقاً للطريق تشم عن كل ما يكرهوه من فعالك ذم
و النفس منك على حسن الفعال أدم
و إن بدا منك عيب فاعترف أقم وجه اعتذارك عما منك جرى
لهم تملق و قل داووا بصلحكم بمرهم العفو منكم داء جرحكم
أنا المسيء هبو لي محض نصحكم
و قل عبيدكم أولى بصفحكم فسامحوا و خذوا بالرفق يا فقرا
لا تخش إذا أذنبت همتهم أسنا و أغلى أن ترديك عشرتهم
ليسو جبابرة تؤذيك سطوتهم
هم بالتفضل أولى و هو شيمتهم فلا تخف دركاً منهم و لا ضررا
إذا أردت بهم تسلك طريق هدى كن في الذي يطلبوه منك مجتهدا
في نور يومك و احذر أن تقول غداً
و بالتغني على الإخوان جد أبداً حساً و معناً و غض الطرف إن عثرا
أصدقهم الحق لا تستعل الدنسا لأنهم أهل صدقٍ سادة رؤسا
و اسمح لكل امرئ منهم إليك أسا
و راقب الشيخ في أحواله فعسى يرى عليك من استحسانه أثرا
و أسأله دعوته تحظَ بدعوته تنل بذلك ما ترجوه ببركته
و حسِّن الظن و اعرف حقَّ حرمته
و قدِّم الجد و انهض عند خدمته عساه يرضى و حاذر أن تكن ضجرا
و احفظ و صيته زد من رعايته و لبِّه إن دعاك فوراً لساعته
و غضَّ صوتَك بالنجوى لطاعته
ففي رضاه رضا الباري و طاعته يرضى عليك فكن من تركها حذرا
والزم مَن نفسه نفسٌ مسايسة في ذا الزمان فإنَّ النفس آيسة
منهم و حرفتهم في الناس باخسة
و اعلم بأن طريق القوم دارسة و حال من يدعيها اليوم كيف ترى
يحق لي إن نأوا عني لألفتهم ألازم الحزن مما بي لفرقتهم
على انقطاعي عنهم بعد صحبتهم
متى أراهم و أنى لي برؤيتهم أو تسمع الأذن مني عنهم خبرا
تخلفي مانعي من أن ألائمهم منهم أتيت فلمني لست لائمهم
يا ربِّ هب لي صلاحاً كي أنادمهم
من لي و أنى لمثلي لأن يزاحمهم على مورد لم ألفَ بها كدرا
جلت عن الوصف أن تحصى مآثرهم على البواطن قد دلت ظواهرهم
بطاعة الله في الدنيا مفاخرهم
أحبهم و أدارهم و آثرهم بمهجتي و خصوصاً منهم نفرا
قوم على الخلق بالطاعات قد رؤسوا منهم جليسهم الآداب يقتبسوا
ومن تخلف عنهم حظه التعس
قوم كرام السجايا حيثما جلسوا يبقى المكان على آثارهم عطرا
فهِم بِهم لا تفارقهم تزد شغفاً و إن تخلفت عنهم فانتحب أسفا
عصابة بهم يكسى الفتى شرفاً
يهدي التصوف من أخلاقهم طرفا حُسْن التألف منهم راقني نظرا
جررت ذيل افتخاري في الهوى بهم لما رضوني عبيداً في الهوى لهم
وحقهم في هماهم لست أنساهم
هم أهل ودي و أحبابي الذين همُ ممن يجرُّ ذيول العز مفتخرا
قطعت في النظم قلبي في الهوى قطعاً و قد توسلت للمولى بهم طمعاً
أن يغفر لي و المسلمين معاً
لا وال شملي بهم في الله مجتمعا و ذنبنا فيه مغفوراً و مغتفرا
يا كل من ضمه النادي بمجلسنا أدع الإله بهم يمحو الذنوب لنا
و أدعو لمن خمَّس الأصل الذي حسنا
ثم الصلاة على المختار سيدنا محمد خير من أوفى و من نذرا