بَلاغَةُ امرأةِ أَبِي الأسْودِ الدُؤَلي

]
هذه قصة امرأة
لا تملك إلا بلاغتها وحسن كلامها الذي زينتها به لغة الضاد
لنقرأ معا .......

حكاية امرأة أبي الأسود الدؤلي

كان أبو الأسود الدؤلي مقربا من معاوية بن أبي سفيان ، وبينما هو ذات يوم جالسا وعنده وجوه قريش وأشراف العرب ، أقبلت امرأة أبي الأسود حتى حاذت معاوية ثم قالت ...
- السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، الله جعلك خليفة في البلاد ، ورقيبا على العباد ، يستسقى بك المطر ، ويستثبت بك الشجر ، وتؤلف بك الأهواء ، ويأمن بك الخائف ، ويردع بك الجانف ، فأنت الخليفة المصطفى ، والإمام المرتضى ، فأسأل الله لك النعمة في غير تغيير ، والعافية في غير تعذير .
لقد ألجأني إليك يا أمير المؤمنين ، أمر ضاق عليّ فيه المنهج ، وتفاقم علي فيه المخرج ، لأمر كرهت عاره ، لما خشيت إظهاره ، فلينصفني أمير المؤمنين من الخصم ، فإني أعوذ بعقوته من العار الوبيل ، وألأمر الجليل ، الذي يشتد على الحرائر ذوات البعول الأجائر .
فقال معاوية
ومن بعلك هذا الذي تصفين من أمره المنكر ، ومن فعله المشهر ،.
قالت ...
هو أبو الأسود الدؤلي ...!!
فالتفت إليه فقال
يا أبا الأسود ما تقول هذه المرأة ...!
قال أبو الأسود
هي تقول من الحق بعضا ، ولن يستطيع أحد عليها نقصا ، فأما ما ذكرت من طلاقها فهو حق ، وأنا مخبر أمير المؤمنين عنه بالصدق ، والله يا أمير المؤمنين ما طلقتها عن ريبة ظهرت ، ولا لأي هفوة حضرت ، ولكني كرهت شمائلها ، فقطعت عني حبائلها .
قال معاوية ..
وأي شمائلها يا أبا الأسود كرهت ...؟
قال ...
يا أمير المؤمنين ..إنك مهيجها علي بجواب عنيد ، ولسان شديد
فقال ..
لابد من محاورتها فاردد عليها قولها عند مراجعتها
قال ..
يا أمير المؤمنين ...إنها كثيرة الصخب ، دائمة الذرب ، مهينة للأهل ، مؤذية للبعل ، مسيئة إلى الجار ، مظهرة للعار ، إن رأت خيرا كتمته ، وإن رأت شرا أذاعته .
فردت المراة
والله لولا مكان أمير المؤمنين وحضور من حضره من المسلمين ، لرددت عليك بوادر كلامك ، بنوافذ أقرع كل سهامك ، وإن كان لا يجمل بالمرأة الحرة أن تشتم بعلا ، ولا أن تظهر لأحد جهلا .
قال معاوية .........
عزمت عليك لما أجبته
قالت ...
يا أمير المؤمنين ...ما علمته إلا سؤولا جهولا ، ملحا بخيلا ، إن قال فشر قائل ، وإن سكت فذو دغائل ، ليث حين يأمر ، وثعلب حين يخاف ، شحيح حين يضاف ، إن ذكر الجود انقمع ، لما عرف من قصر رشائه ، ولؤم آبائه ، ضيفه جائع ، وجاره ضائع ، لا يحفظ جارا ، ولا يحمي ذمارا ، ولا يدرك ثارا ، أكرم الناس عليه من أهانه ، وأهونهم عليه من أكرمه .
قال معاوية ..........
سبحان الله لما تأتي به هذه المرأة من السجع ...!!
قال أبو الأسود ....
.أصلح الله الأمير ..إنها مطلقة ...ومن أكثر كلاما من مظلقة ...
قال معاوية ..........
إن كان رواحا فتعالي أفصل بينك وبينه بالقضاء
فلما كان الرواح ..جاءت ومعها ابنها قد احتضنته / فلما رآها أبو الأسود قام لينزع ابنه منها
قال معاوية .........
لا تعجل المرأة أن تنطق حجتها
قال أبو الأسود ....
يا أمير المؤمنين أنا أحق بحمل ابني منها
حملته قبل أن تحمله ، ووضعته قبل أن تضعه ،
قالت ................
صدق والله يا أمير المؤمنين
حمله خفا ، وحملته ثقلا ، ووضعه بشهوة ، ووضعته كرها ، إن بطني لوعاؤه ، وإن ثديي لسقاؤه ، وإن حجري لفناؤه
قال معاوية ........
سبحان الله لما تأتين به
قال أبو الأسود ...
أنها تقول الأبيات من الشعر فتجيدها ..
قال معاوية ........
إنها قد غلبتك بالكلام ..فتكلف لها أبياتا لعلك تغلبها
فأنشأ أبو الأسود يقول ..
مرحبا بالتي تجوز علينا ......ثم سهلا بالحامل المحمولِ
أغلقت بابها علي وقالت ......إن خير النساء ذات البعول
شغلت نفسها علي فراغا .....هل سمعتم بالفارغ المشغول
فأجابته
ليس من قال بالصواب وبالحــــق كمن جار عن منار السبيل
كان ثديي سقاءه حين يضحي...... ثم حجري فناؤه بالأصيل
لست أبغي بواحد يا بن حرب,,,, بدلا ما علمتـــه والخليــل
فأجابها معاوية
ليس من غداه حينا صغيرا .....وسقاه من ثديه بخــــــــذول
عي أولى به وأقرب رحما .....من أبيه بالوحي والتنزيــــل
أمُّ ما حنت عليه وقامــــت .....هي أولى بحمل هذا الضئيل

وقضى لها معاوية ضد أبي الأسود واحتملت ابنها وانصرفت ..!![/b]