كانت علاقته مع مصر قوية وعميقة وكلمته عند كل الحكومات المصرية نافذة وفاعلة ومؤثرة. كانت لقاءاته وتحركاته المستترة منها والظاهرة والتي كثيرا ما تجري في سرية وحذر تسبب صداعا مستديما ومزمنا للإدارة البريطانية في السودان. كانت له صحيفة واحدة اسمها صوت السودان هي الناطقة باسمه واسم طائفته وقد توالى على تحريرها نخبة مميزة من الدكاترة خريجي الجامعات المصرية فكانت صحيفة ممتازة حملت لواء المعارضة وأغضت مضاجع الانجليز وكان مولانا الميرغني رغم مشاغله الكثيرة يتابع ما ينشر في صحيفته بل وكثيرا ما يوجه القائمين عليها ويختار لهم موضوعات الساعة وافتتاحية العدد.
كان مولانا الميرغني مولعا بحركات التحرر في جميع إنحاء العالم متابعا للانتفاضات الإسلامية. اذكر أنه استدعاني عام 1960م عندما كنت متجها لأمريكا لحضور الجلسة الافتتاحية للأمم المتحدة وبدأ يتحدث معي عن حركة الزنوج والصحوة الإسلامية التي أخذت تظهر تباشيرها في الولايات المتحدة وتناقشنا في عديد من القضايا المطروحة في الأمم المتحدة آنذاك خاصة عن الجلسة الافتتاحية المرتقبة التي سيطرت فيها أحداث أفريقيا بعد مقتل لوممبا وأحداث الكنغو الشهيرة وانتفاضات عدد من الدول الأفريقية.
وفي ختام لقائي بمولانا الميرغني طلب إلى أن احضر له أي مخطوطات عن حركة الزنوج: مسارها آثارها ومستقبلها حتى إن مولانا الميرغني تنبأ في ختام حديثه بأن الزحف الزنجي سيصل قمته المؤثرة في الولايات المتحدة عام 2000م ولا يستبعد في أو بعد هذا التاريخ بقليل أن يقتحم البيت الأبيض سيد أسود!!! ضحكت وضحك وودعني متمنيا لي كل التوفيق.
تحدث مولانا الميرغني معي طويلا عن الزعيم الزنجي مارتن لوثر كنق زعيم حركة الزنوج والذي كان آنذاك ملء السمع والبصر ووصفه بأنه قريب للإسلام أكثر منه للمسيحية وقال لي مولانا الميرغني أنه قرأ فيما قرأ دعوة للزعيم الزنجي للفتيات الزنجيات بأن يلدن بأية طريقة أو وسيلة يعني دعوة صريحة للزنا ليسهمن في زيادة عدد الزنوج حتى لا يعودوا أقلية فإذا عرف الزعيم الزنجي أن الذي يواجهه الآن وأهله هو نفس ما واجه الإسلام عند ظهوره وفي فجره وهو مشكلة الأقليات لذلك نزلت الآية الكريمة ( وانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع .... ) حتى يتزايد ويتضاعف عدد المسلمين وتشتد شوكتهم ويبدو أن هذا كان فحوى الرسالة التي أعطاني إياها للزعيم كنق وقد نفذت رغبته فور وصولي إلى واشنطون فاتصلت بمكتب الزعيم الراحل وقابلته بعد ثلاثة أيام يبدو أنه تمكن خلالها من جمع المعلومات والخلفيات عن مولانا الميرغني وقد ظهر واضحا عند لقائي بالزعيم الزنجي أنه كان ملما بشخصية مولانا الميرغني وأبدى إعجابه الشديد بتحليل الإسلام الزواج من أربع نساء دفعة واحدة. ووصف مارتن لوثر رسالة الميرغني وما جاء فيها عن الإسلام والقرآن أنها عملية وجيدة وتستحق الدراسة والمتابعة وأكد لي الزعيم الزنجي بعد أن سلمني رسالة للميرغني ردا على رسالته انه إذا ما قام بزيارة أفريقيا فإن أول بلد تطأه قدماه هو السودان وأول يد سيصافحها هي يد مولانا الميرغني.
هموم مولانا الميرغني لم تكن قاصرة على السودان والعالم العربي و حركات التحرر الأفريقية وإنما امتدت إلى الولايات المتحدة في رسالته الصريحة التي دعا فيها الزعيم مارتن لوثر كنق وأهله الزنوج إلى دخول الإسلام باعتباره دين السماحة والحق والعدالة والطهارة والنقاء.
![[b]شهادة الأستاذ عبد الرحمن مختار عن السَّيِّد علي الميرغني في كتابه خريف الفرح:[/b] Empty](https://2img.net/i/empty.gif)
موضوع: [b]شهادة الأستاذ عبد الرحمن مختار عن السَّيِّد علي الميرغني في كتابه خريف الفرح:[/b] ![[b]شهادة الأستاذ عبد الرحمن مختار عن السَّيِّد علي الميرغني في كتابه خريف الفرح:[/b] I_icon_minitime](https://2img.net/s/t/10/04/47/i_icon_minitime.gif){kind=icon}
السبت 02 مايو 2009, 1:17 am
